Saturday, August 21, 2010

عبــرة

عـبرة


سافر ثلاثة من الشباب إلى دولة بعيدة لأمرٍ ما، وكان سكنهم في عمارة تتكون من 75 طابقاً


ولم يجدوا سكناً إلاَّ في الدور الخامس والسبعين

قال لهم موظف الاستقبال: نحن في هذه البلاد لسنا كنظامكم في
الدول العربية

فالمصاعد مبرمجة على أن تغلق أبوابها تلقائياً عند الساعة
العاشرة ليلا ً
فلا بد أن يكون حضوركم قبل هذا الموعد.. لأنها لو أغلقت لا
تستطيع قوة أن تفتحها، فالكمبيوتر الذي يتحكم فيها في مبنىً بعيدٍ عنا! مفهوم؟! قالوا: مفهوم
وفي اليوم الأول.. خرجوا للنزهة.. وقبل العاشرة كانوا في سكنهم

لكن ما حدث بعد ذلك أنهم في اليوم التالي تأخروا إلى العاشرة
وخمس دقائق وجاءوا بأقصى سرعتهم كي يدركوا المصاعد لكن
هيهات!! أغلقت المصاعد أبوابها! توسلوا وكادوا يبكون! دون جدوى.



فأجمعوا أمرهم على أن يصعدوا إلى غرفتهم عبر
السلالم- الدرج))
مشياً على الأقدام..!


قال قائل منهم: أقترح عليكم أمراً؟

قالوا: قل، قال: أقترح أن كل واحدٍ منا يقص علينا قصة مدتها مدة الصعود في (25) طابقاً.. ثم الذي يليه، ثم الذي يليه حتى
نصل إلى الغرفة.

قالوا: نعم الرأي.. توكل على الله أنت وابدأ



قال: أما أنا فسأعطيكم من الطرائف والنكت ما يجعل بطونكم تتقطع
من كثرة الضحك! قالوا هذا ما نريد
وفعلاً حدَّثهم بهذه
الطرائف حتى أصبحوا كالمجانين.. ترتج العمارة لضحكهم .


ثم.. بدأ دور الثاني فقال: أما أنا فعندي لكم قصصٌ لكنها جادة
قليلاً.. فوافقوا.. فاستلمهم مسيرة خمسة وعشرين طابقاً أخرى .

ثم الثالث.. قال لهم: لكني أنا ليس لكم عندي إلاَّ قصصا مليئة
بالنكد والهمِّ والغمِّ.. فقد سمعتم النكت.. والجد.. قالوا
قل.. أصلح الله الأمير!! حتى نصل ونحن في أشد الشوق
للنوم



فبدأ يعطيهم من قصص النكد ما ينغص عيش الملوك! فلما وصلوا إلى
باب الغرفة كان التعب قد بلغ بهم كل مبلغ.. قال: وأعظم قصة
نكد في حياتي.. أن مفتاح الغرفة
نسيناه لدى موظف الاستقبال في الدور الأرضي! فأغمي عليهم
.

نعم فيها عِبَرْ



الشاب - منا- يلهو ويلعب ، وينكت ويرتكب الحماقات ، في
السنوات الخمس والعشرين الأولى من حياته.. سنواتٍ هي أجمل سنين
العمر.. فلا يشغلها بطاعة ولا بعقل




ثم.. يبدأ الجد في الخمس والعشرين الثانية.. تزوج.. ورزق
بأولاد.. واشتغل بطلب الرزق وانهمك في الحياة.. حتى بلغ
الخمسين .


ثم في الخمس والعشرين الأخيرة من حياته
– وأعمار أمتي بين الستين
والسبعين وأقلهم من يجوز ذلك كما في الحديث- بدأ النكد..
تعتريه الأمراض.. والتنقل بين المستشفيات وإنفاق الأموال على
العلاج
.. وهمِّ الأولاد.. فهذه طلقها زوجها.. وذلك بينه وبين
إخوته مشاكل كبيرة وخصومات بين الزوجات ،تحتاج تدخل هذا
الأب ، وتراكمت عليه الديون التي تخبط فيها من أجل إسعاد أسرته
،فلا هم الذين سعدوا ولا هو الذي ارتاح من هم الدَّين

حتى إذا جاء الموت.. تذكر أن المفتاح.. مفتاح الجنة.. كان
قد نسيه في الخمس والعشرين الأولى من حياته.. فجاء إلى الله
مفلسا
« لو أن رب ارجعون ...»
ويتحسر ويعض علی يديه
« لو أن الله هداني لكنت من المتقين »
ويصرخ
«لو أن لي كرة ...»

فيجاب
« بَلَى قَدْ جَاءتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ»

نسألكم الدعاء .

Friday, October 02, 2009

یا جارة الوادي




یا جارة الوادي طربت و عادني

ما یشبه الأحلام من ذکراک

مثـّلت في الذکری هواک و في الکری

والذکریات صدی السنین الحاکی

ولقد مررت علی الریاض بربوة

غنـّاء کنت حیالها القاک

ضحکت الی وجوهها و عیونها

ووجدت فی أنفاسها ریـّک

فذهبت في الأیام أذکر رفرفا

بین الجداول و العیون حواک

أذکرت هرولة الصبابة و الهوی

لمّا خطرت یـُقـَبـّلان خـُطاک

لم أدر ما طیب العناق علی الهوی

حتی ترقرق ساعدی فطواکِ

و تأوَدت أعطافٌ بأنکِ في یدي

واحمَرّ من خفریهما خدّاکِ

ودخلت في لیلین فرعک الدجی

ولثمت کالصبح المنور فاک

ووجدت في کـُنه الجوانح نشوة

من طیب فیک ومن سـُلاف لـُماکِ

وتعطلت لغة الکلام وخاطبت

عینيّ في لغة الهوی عیناک

و محوت کل لبانة من خاطري

ونسیت کل تعاتب و تشاک

لا أمس من عمر الزمان ولا غد

جمع الزمان فکان یوم رضاکِ

أمیر الشعراء أحمد شوقی




Friday, July 11, 2008

الخلوة المحترقة


حين يتصاعدُ الدخانُ مـِنَ الخلوة التي في داخلي ، سيعلم من يستطلع مصدر الدخان .. إنه نار مشتعلة في أعماق الخلوة .
و بعيدا عن منْ يعلم أو لا يعلم .. عندي كلام ٌ مع هذه الخلوة ِ المحترقة ، أقول لقد رميت نفسي الی البحر من الساحل دون أنْ أعلم َ أنّ البحرَ عميق ٌ ، فنفضت يدي من التشبث باحضان الليل الآخر ، لِأتشبث بظفائر الشعر الطويل لونه ليل ، و رسمت صورا ً علی جدران قلبي . . قد تتكسـّرُ هذه الصور ، لكن ستبقی أثرا و لونا ً علی هذه الجدران و سيجعل ُ في أعماق الروح .. أمل ْ .
فقد وضعت قدمي بعد مروري بمنازل عدة في هذا السفر الطويل علی منزل ٍ ، و حرّرت ُ نفسي من القافلة التي أسير معها لكي أكون مع خلوتي عارفا ً احتراقي بهذه النار التي تحرقني في الخلوة التي داخلي .. لكن القلب قد تعلق بهذا الحريق .. فقدمايَ تحمـّلتا ألم التسلق الی التلال العالية ليلا ً .. أمـّا صباحي فضاحك فرح ٌ حين تقع قدمايَ علی الطريق الی مدينتي .. ثم يتصاعد الدخان مرة ً ا ُخری من فراغ السكوت في داخلي و حريق النار يشبّ ُ من جديد في الخلوة ِ ... فعند ذلك يبدو أنّ لي كلام لم أقوله بعد

Tuesday, July 08, 2008

سواد الليل



من مدة ٍ كنت وحيدا ً في سواد الليل، و لون السكوت كان مطبوعا ً علی شفتيّ َ، حتی جاء صوت ٌ يناديني من بعيد أنْ


أزيل لون السكوت ِ ، أردت أن ْ أدنو من الصوت ، لكن ّ قـَدَمايَ مغمورتان في وحل سواد الليل ، الباب و الجدار


ملتصقان معا .. و أنا خلفهما ... أتاني ظـِلٌ ينزلق ُ علی الأرض بصورة ِ وَهم ، لكنْ حرّرني من القيود

. . .

كنت أری نفسي كئيبة و حزينة ، لكنها بدأت تنحصر في زاوية من الركن الحزين بعد أن أتت اليد الساحرة من بعيد في


سواد الليل لتفتح الأبواب لي ، ضاحكة . . . تلطخُ الصور التي رسمتها في النهار بالدخان ، فرسمت ُ خطوطا ً في الليل


فجاء النهار فمحی الخطوط . . . صرت حائرا ً خائفا ً أنْ يطبع لون السكوت علی شفتي ّ مرة ً ا ُخری و تنغمر اليدين و


الرجلين في سواد الليل

...


الشواي

Monday, June 30, 2008

الحمامه البنفسجية


من مدة .. حمامة بنفسجية اللون رشيقة القد جميلة للناظر ، تجلس علی غصن شجرة الخوخ في بيتنا ...

تصدح بصوت شجي.. ليس في غيرها ، كأن في داخلها غليان و فوران ... لكن بصمت.

إنها آتية من ديار ٍ غير دياري .. آتية لتكسر سكوت وحدتي ، تنثر الحب و الحنان والشغف و السرور كما ينثر الورد


علی راس عروس .. تلتف حولي التفاف السوار علی المعصم او القلادة علی جيد الفتاة



الشواي

Wednesday, June 25, 2008

صيف لبنان 2006

الی الحبيبة الغالية . . .
بعد التحية و السلام . . .
أعتقد سوف توافقين معي أن لبنان عروسة الشرق الاوسط ، و بيروت كوردة حمراء عندما تضع العروسة علی طارف من صدغها او كقلادة ياقوت علي جيد الفتاة ، و كلما كان يضيق الصدر عندي كنت ازور هذا البلد الجميل ببحره و جباله و وديانه ، و كان الصيف هذا موعد ايضا بان ازوره و كان شغفي اكثر بان لي موعدا آخر يـُستكمل فيه السرور و الفرح بلقاء الاحبة . . . لكن القدر خان و غدر ، فاصبح هذا الحلم الجميل و هذا البلد الغنـّاء بين ليلة و ضحاها ركاما و طلل من الغربان السود الذين جلبوا الدمار و البؤس لكل مدينة و حي ... لا وفقهم الله .
عرفتُ الحـُبّ من أرض ٍ
شـَميمَ العـِطر لبنان
عرفتُ العشقَ منْ حيّ ٍ
بـِبـَسـْكـَنـْتا و صـَنـّيين ِ
هوی قلبي بضاحية ٍ
وَاْنـَا إبـْنُ الفـُراتين ِ
رأيتُ القصف في أرض ٍ
بلبنان و اْنتي لبنان ِ
فقد أدْمـَيـْتَ قلبي ويحك
عدو غادر جان ِ
و أطفال ٌ بلا مأوی
صبايا بلْ و صبيان ِ
بمنْ ا ُشـْبــِهـْكَ بالغـَدْر
فـَشـَبـّهـْتـُكَ بشيطان ِ
الشواي

Saturday, May 31, 2008

سهام كيوبيد

كيوبيد هذا الصغير المغرور المدلل و الذي لم ينج من سهامه حتی كبار الآلهة ، فقد رمی بسهمه قلب أبولو فأدماه ...
إليك قصته :
أن أبولو كان يسير علی ضفة أحد الأنهر ، وقد أخذ به الكبر و الإعجاب بعد رجوعه من قتل حية الظلام ، فرأی كيوبيد يلعب بسهامه الصغيرة علی ضفة النهر. فأخذ أبولو يفتخر عليه قائلا :
" أترك الأسلحة للأيدي القوية التي تستحقها أيها الصغير المدلل و العب بمشعلك " .
فإنزعج كيوبيد من هذا الكلام و هزه الغرور و قال لأبولو:
" تستطيع أن ترمي بسهامك الأبطال يا أبولو ، ولكن سهامي ستجد منفذا الی قلبك " .
ثم ذهب إلی قمة جبل بارناسوس و أخذ يفتش عن صيد له.
و يقال أن سهام كيوبيد نوعان ، نوع لها رؤوس دقيقة من الذهب ، و النوع الآخر لها رؤوس دقيقه من الرصاص . أما الأولی فمن أصابه من هذا السهم وقع في أول من يراه حب الجنون ، و أما من آصابه من النوع الثاني كره الحب و فرّ منه فرار الملسوع من الحية .
فهنا عمل كيوبيد حقده الدفين حيث رأی " دافن بنت بيناس" إله النهر و رأی هدفا صالحا للرد علی أبولو، و كانت دافن اجمل نساء عصرها حتي أن الأزهار النائمة كانت ترفع رؤوسها و تفتح جنابذها عند رؤيتها ، فأخذ كيوبيد سهما من الرصاص و رماها به فكرهت الحب و خافت من المحبين ، ثم أخذ سهما من الذهب و رمی به أبولو فدخل الحب قلبه و رأی الفتاة فناجاها آيات الحب و الغرام و الغزل ، لكنها هربت منه فتبعها ، و كان شعرها الجميل علی كتفيها يستهويه و يغويه ، و يداها و ذراعاها العاريتان تفتنه ، أما عيناها فكانتا نجمتان تتألقان ، و أما شفتاها كالياقوت . . . ولكن هو في واد و الفتاة في واد . . . فهو محب مفتون و هي قد كرهت الحب كره الموت .
القصة طويلة حبيبتي ... فأكتفي، كيف أنها طلبت ان تتبدل هيئتها فتبدلت الی شجرة الغار المقدسة . . و كيف تألم أبولو و ذهل حين رأی حبيبته و حوريته اقلبت الی شجرة .
لذلك يوضع اوراق شجرة الغار علی شكل تاج علی رؤوس الفائزين الذين وصلوا الی سدة النصر . . . و لذلك صارت شجرة الغار أشرف الأشجار .
أما كيوبيد فكان ينظر الی حسرة أبولو و دموعه فرحا متشفيا بما صنعت يداه
.